الذكر والخلوة

امتلكت حلب العثمانية ثقافة غنية من الخدمات والطقوس الدينية التي شكلت ونظّمت حياة الناس. منذ القرن التاسع عشر يتم الإحتفال بالطقوس الدينية (الصلاة) مع صلاة الجماعة يوم الجمعة [16] في قاعة الصلاة في الزاوية الهلالية. لكن الطقوس الصوفية الخاصة هي التي جذبت الناس. وكان أهم هذه الطقوس الذكر الأسبوعي المنتظم . الذكر يعني حرفيًا "التذكر" ويتكون من قراءة وتكرار عبارات قصيرة (مثل العقيدة الإسلامية "لا إله إلا الله") أو كلمات (مثل لفظ الجلالة "الله"). بينما يكرر الجمع هذه العبارات والكلمات إيقاعياً، فإن قائد الجوقة (المنشد) ينشد القصائد الدينية. في بعض الأحيان تستخدم الدفوف لضبط الإيقاعات ولكن ذكر الهلالية يستخدم التصفيق بالأيدي فقط. يتألف ذكر الهلالية من عدة أجزاء ويبدأ بعد صلاة ما بعد الظهر (صلاة العصر) من يوم الجمعة وينتهي قبل وقت وجيز من الأذان لصلاة غروب الشمس (صلاة المغرب). يقام الذكر في قاعة الصلاة في الزاوية، حيث يقف الشيخ و ظهره إلى المحراب، في مواجهة قائد الجوقة (المنشد) والمنشدين الآخرين الذين يجلسون في وسط الغرفة تحت القبة، بينما يقف الدراويش المشاركون بمحاذاة الجدران. التواصل بين الشيخ وقائد الجوقة مهم، فالأول يقود الذكر، ويحدد بداية ونهاية الأجزاء المختلفة، في حين أن قائد الجوقة يختار الأناشيد التي سينشدها. يكون الذكر في فصل الصيف أطول بكثير من فصل الشتاء، ويتم ضبطه حسب الوقت بين صلاة العصر وغروب الشمس. قام محمد الحكيم، المنشد الرئيس في الزاوية، مع تسعة منشدين بأداء ذكر الزاوية الهلالية في آذار 2001 في باريس في بيت ثقافات العالم. وتم بعد ذلك إطلاق تسجيل لتلك الجلسة [17].

الخلوة هي الطقس الديني الثاني. أدخله الشيخ إبراهيم الهلالي بعد عودته من القاهرة، حيث تعرف عليها هناك. حتى الحجرات الخشبية الأربعين التي أدخلها في قاعة الصلاة كانت مستوحاة من تجربته في القاهرة [18]. ينسحب أعضاء الطريقة لمدة أربعين يوماً إلى الزاوية، يتأملون ويصومون ويستمعون إلى الدروس التي يقدمها الشيخ. توقفت الزاوية الهلالية عن ممارسة الخلوة في أوائل القرن العشرين [19].

الحواشي

[16] كنوست، العيش مع الكارثة، 301

[17] غناء صوفي من سوريا،: ذكر الخلوة القادرية للزاوية الهلالية حلب. باريس، بيت ثقافات العالم INEDITTW 260109 (2002) قرص مضغوط واحد. يشتمل الكتيب المرفق على النصوص التي كُتِبت باللغة الإنجليزية والترجمة إلى الفرنسية.
للحصول على وصف مفصل للذكر، انظر: Pinto ، "الإبداع والاستقرار"، 130-132 ؛ كنوست، فروم

[18] زاركون، حالة تهجين، 449

[19] زاركون، حالة تهجين، 451، وفقاً لمعلومات قدمها الشيخ جمال الدين الهلالي.