التطور عبر الزمن

[مصدر الصورة: © 1994 جان-كلود دافيد]
تُسَمِّي الوقفيّة هذا الخان بـ "الخان الكبير" فقط، أما تسمية "خان الجمرك" فقد اكتسبت في وقت لاحق مما يدل على أن مكتب ضرائب المدينة كان يقع في ذلك المكان.
في نهاية المطاف، ترتبط الخانات الرئيسة في وسط حلب، بما فيها خان الجمرك، بوجود الأجانب في حلب. أُنشأ الفرنسيون والبريطانيون القنصليات في حلب في النصف الثاني من القرن السادس عشر، وتبعهم الهولنديون في أوائل القرن السابع عشر، ويبدو أن هذه القنصليات الثلاث تشاركت في خان الجمرك، على الأقل لبعض الوقت. شغل الفرنسيون غرف الوكلاء في الطابق الأول من الجناح الشمالي، ثم استولى عليها البريطانيون بعد انتقال القنصلية الفرنسية إلى خان الحِبال في أواخر القرن السابع عشر أو أوائل القرن الثامن عشر.[1] إن الأجانب من أصل أوروبي والذين يطلق عليهم محلياً "الفِرَنْجة"، هم مجموعة غير متجانسة نوعاً ما اعتماداً على أصلهم وانتمائهم الديني، ولكنهم يتشاركون في الأساس بنفس الدوافع والاهتمام بإقامتهم في حلب: التجارة. لهذا السبب، ولمشاركتهم نفس أسلوب الحياة، كان السكان المحليون ينظرون إليهم على أنهم مجموعة متجانسة إلى حد ما. أحد الجوانب المهمة هو أنهم يتشاركون في نفس مكان المعيشة، وهي الخانات في المركز الحضري. وكما يصفها ألكسندر راسل في منتصف القرن الثامن عشر: "يعيش الجزء الأعظم من الأوروبيين في الخانات في الحي الرئيسي بالمدينة. يستخدم الطابق الأرضي لمخازنهم، والطابق العلوي مهيّأ لسكنهم، من خلال بناء ما بين ركائز صف الأعمدة والتي تشكل ممراً طويلاً؛ يفتح عليه عدد من الغرف، بحيث تشبه الأديرة إلى حد كبير؛ ولأنهم غير متزوجين، وتواصلهم مع أهل البلد يتم تقريباً على أساس التجارة فقط، فإن طريقة عيشهم أيضاً ليست أقل شبهاً بحياة الرهبنة.[2]
يُلمِّح وصف راسل إلى حقيقة أن الأجانب عدّلوا بنية الخان وفقاً لاحتياجاتهم. وبما أن الخانات كانت أملاك وقفية، لم يكن مسموحاً للمستأجرين بالحصول على شققهم بملكية كاملة (استغلال)، لكنهم كانوا قادرين فقط على استئجارها. سمحت الترتيبات القانونية الخاصة، والمسماة "الرقابة" في حلب، للمستأجرين بالحصول على حقوق الملكية في أجزاء الخان التي بنوها أو أعادوا بناءها، وتأسيس عقود إيجار طويلة الأجل. ومنذ أواخر القرن الثامن عشر فصاعداً، استقر المزيد والمزيد من "السلالات" التجارية، مثل عائلة بيشوتو من ليفورنو أو عائلة بوخه من بوهيميا، وتدريجياً حلت محل العازب الوحيد "التاجر" الذي وصفه راسل.[3]
يعكس تاريخ خان الجمرك الذي يمتد قرابة 450 عاماً التغييرات والديناميكيات الخاصة لتاريخ حلب التجاري. لاتزال التغييرات الهيكلية مرئية اليوم، مثل شقق التجار في الطابق الأول، وخاصة في الجناح الغربي والأكشاك المطلة على الفناء المزدحم. (الشكل 12- 13)
الشكل 12: خان الجمرك، الجناح الغربي، شقة تجارية [مصدر الصورة: © 2009 شتيفان كنوست]
الشكل 13: خان الجمرك، الجناح الجنوبي، الكشك [مصدر الصورة: © 2009 شتيفان كنوست]