لمحة تاريخية

بقلم شتيفان كنوست

[مصدر الصورة: © 2009 شتيفان كنوست]
أُنشأت الأوقاف الدينية لتحقيق أهداف دينية أو اجتماعية. نميّزعادة بين الأوقاف الخيرية - التي تفيد المؤسسات الدينية أو الاجتماعية بشكل مباشر، كالمساجد والمدارس (المدارس الإسلامية) والزوايا (أماكن العبادة الصوفية) أو المستشفيات، وبين الأوقاف العائلية (الأوقاف الأهلية أو الذَرية) التي تستفيد منها في البداية ذرِّية مؤسسها ولكنها في النهاية تحقق غرضاً خيريّاً، ويكون عادة دعم الفقراء. منذ العصور الوسطى، أصبح الوقف بشكل متزايد الأداة المختارة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية العمرانية الضخمة. كان نور الدين الزنكي (المتوفى عام 1174) من أوائل الذين استخدموا مؤسسة الوقف لإعادة بناء المدن السورية بعد قرون من الإنحطاط والدمار.[1] كما اتُّبِعت هذه السياسة من قبل السلالات الحاكمة اللاحقة كالأيوبيين والمماليك ولكن العثمانيين نفخوا فيها روحاً جديدة من خلال استخدامها في مشاريعهم الإمبراطورية.
خلال الأعوام السبعين التي أعقبت الفتح العثماني في عام 1516، غيّرت أربعة أوقاف ضخمة شكل منطقة السوق المركزي في حلب بدرجة كبيرة. تم الانتهاء من الأول، وهو وقف خسرو باشا في عام 1546، ويتألف في معظمه من المنشآت التجارية، وأدى لتطوير المنطقة حول المدرسة (الجامع والمدرسة ومطبخ عام) بجوار القلعة. أسس حاكم آخر للمدينة وهو محمد باشا دوقاقين زاده في عام 1556 وقفاً هاماً حول جامع العادلية غربي مجمّع خسرو باشا. خان الجمرك وبعض المباني الأخرى في حلب هي جزء من الوقف الكبير للوزير صوقولو محمد باشا عام 1574، والذي تضمن العديد من الممتلكات في أجزاء مختلفة من الإمبراطورية. وشمل الوقف الأخير الذي أسسه والي المدينة بهرام باشا عام 1583، ممتلكات في أجزاء أخرى من المدينة، مثل حمام بهرام باشا الفاخر في حي الجّديْدِة في الضاحية الشمالية.[2]
كان هؤلاء الرعاة ينوون تطوير وتحديث البنية التحتية المتعلقة بالتجارة للسوق المركزي. لا يوجد استثمار مماثل يمكن ملاحظته في الضواحي الشرقية. وهذا يجعل وقف رقبان موضوعاً مهماً للدراسة، على الرغم من حجمه الأصغر بكثير.