التطور عبر الزمن ووقف الجامع

[مصدر الصورة: © 2009 شتيفان كنوست]
لا توجد أية معلومات عن الوقف خلال القرنين الأوّلين من وجوده. من ناحية أخرى، فمن منتصف القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر، لدينا عدد من التقارير التي تسجل إيرادات ونفقات الوقف، بالإضافة إلى بعض عقود الإيجار المتعلقة بالحمّام.
تظهر هذه الوثائق أن الحمّام العام كان مؤسسة معقدة، مع مستويات مختلفة من "المالكين" ورجال الأعمال الذين يمتلكون حصصاً فيه. المبنى كما رأينا هو جزء من الوقف، لكن الوقف عادة لا يدير المؤسسة نفسها، بل يؤجرها بأصولها الثابتة (المبنى، الفرن، إلخ) للمستأجر. في نوع مختلف من العقود، يمكن أيضاً تأجير الأثاث والمعدات (الكراسي، والطاسات، والمناشف والفُوَط، وما إلى ذلك) إلى مستأجر أخر.[1]
يعد الوصول إلى المياه العذبة أمراً أساسياً للحمام، ولكنّه امتياز. زودت "أقنية حلب" (قناة حلب) المدينة بالمياه العذبة. وكان بإمكان المساجد والحمامات والسبل الوصول إلى هذا النظام، وكذلك بعض المنازل الخاصة. نظمت الحقوق القانونية القديمة الوصول إلى هذا المورد المهم. يقع حمام الرقبان في الجزء الشمالي الشرقي من حلب، بالقرب من المكان الذي دخلت فيه شبكة إمدادات المياه إلى المدينة (بالقرب من باب الحديد، والمعروف أيضاً باسم باب القناة)[2]. وتذكر وثيقة من عام 1113 / 1720-21 تلك المؤسسات والمنازل الخاصة التي يمكنها الوصول إلى المياه العذبة. تم تزويد حمام الرقبان أثناء النهار فقط (ربما من الصباح إلى صلاة العصر)، وكان ذلك سخياً إلى حد ما، حيث كان الوصول للماء في حمامات المدينة الواقعة في أقصى الغرب لبضع ساعات فقط في اليوم. وفي الفترات التي كان الحمّام يفتقر فيها إلى المياه العذبة، كان هناك صهريج للمياه.
 
لم يكن الوصول المميز إلى المياه العذبة مجانياً. كان يتوجب دفع "قناوي" مقابل أعمال صيانة أنابيب المياه وإدارة الوصول إلى المياه. كما تشهد المستندات المسجلة في سجلات المحكمة، فإن تكاليف صيانة نظام إمدادات المياه بالكامل يعاد توزيعها بانتظام بين المستفيدين. على عكس المستهلكين الآخرين، دفعت الحمامات أيضاً رسوماً خاصة تسمى "مال النهر والساجور". وهذا يشير في أغلب الإحتمالات إلى مصدرين آخرين لمياه "قناة حلب" بالإضافة إلى مصدر حيلان وهما: نهرا قويق والساجور.[3]
 
تخبرنا المعلومات الواردة في وثائق حسابات الوقف أن الحمامات تحتاج بانتظام إلى تجديدات جوهرية. كانت الوسائل المعتادة لجمع الأموال اللازمة هي عقود الإيجار طويلة الأمد (الإجارة الطويلة) - والتي تمتد غالباً 6 أو 9 سنوات - مع دفعات مقدّمة في بداية العقد. ومع ذلك، نلاحظ أنه خلال الفترة ما بين 1740 و 1840 تقريباً، كان لابد من إنفاق حصة كبيرة ومتنامية باستمرار من عائدات الحمام (في بعض السنوات حتى أكثر من 100 ٪) على صيانتها.[4]
 
وهكذا كان الحمام مكوناً مهماً من مكونات المشهد العمراني، ولكنه كان مشروعاً اقتصادياً سريع التأثر وعرضة لدفع الثمن وحتى إيقاف العمليات في حالة حدوث اضطرابات. وبالتالي، فإن الحمامات المغلقة ليست ظاهرة حديثة فحسب، بل يمكن ملاحظتها في الأوقات السابقة أيضاً.