تأسيس الخانقاه

[مصدر الصورة: © 1991 آنيتة غانغلر]

وفقاً لابن شداد، مؤرخ حلب أواخر العهد الأيوبي، فقد أسست الأميرة ضيفة خاتون خانقاه للنساء "مقابل جامع الشيخ عبد الرحمن بن الأستاذ.[1] وقد ارتبط هذا التأسيس بالمبنى المعروف باسم "خانقاه الفرافرة"، والذي يحمل نقشاً مؤرخاً في عام 635 هـ / 1237-38 م.[2]

ضيفة خاتون، السيدة الأيوبيّة العظيمة في حلب، هي ابنة شقيق صلاح الدين العادل أبو بكر، وكانت بذاتها سليلة الأسرة الحاكمة. في عام 609 هـ / 1212 م تزوجت من ابن عمها الظاهر غازي، ابن صلاح الدين، والذي ورث إمارة حلب. بعد وفاة زوجها عام 613 هـ / 1216 م، استلمت مقاليد السياسة في حلب، في حين عمل الأتابك شهاب الدين طغرل بمثابة الوصيّ على ابنها العزيز محمد حتى بلوغه سن الرشد في عام 629 هـ / 1232 م. زادت قوتها كثيراً عندما توفي العزيز محمد في 634 هـ / 1236 م وتم إنشاء مجلس الوصاية لوريث العرش الناصر يوسف الثاني، والذي كان يبلغ من العمر ست سنوات فقط. احتلت ضيفة خاتون موقع الصدارة خلف مجلس الوصاية، وفي الواقع أدارت سياسات حلب حتى وفاتها في عام 640 هـ / 1242 م[3].

لا يسمّي نقش الخانقاه ضيفة خاتون كمؤسِّسة، بل يذكر حفيدها الناصر يوسف مرفقاً بلقب الحاكم وتاريخ التأسيس 635 هـ / 1237-38 م.[4] وبدلاً من "الخانقاه"، يظهر في النقش مصطلح "الرباط"، مما يشير إلى الغرض من المبنى. يمكن اعتبار هذا تمييزاً طفيفاً، حيث أن كلا المصطلحين يدل على دور عبادة للمتصوفة. هذا النوع من المؤسسات، الذي كرست فيه طائفة من الصوفيين حياتهم للعبادة والزهد، انتشر في جميع أنحاء العالم الإسلامي منذ القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي.[5] يحصي ابن شداد خمسة وعشرين خانقاه داخل حلب، سبعة منها مخصصة للنساء؛ وبالإضافة إلى ذلك، قام بذكر ثلاثة خوانق خارج السور وثلاثة أربطة أخرى.[6] يبدو أن مصطلح الرباط في العديد من الأماكن يتضمن وظيفة أوسع قليلاً، حيث كان من المفترض أيضاً أن يكون مفتوحاً للفقراء ممن هم ليسوا بمتصوفيين. ولكن في حلب كان الفرق ضئيلاً إلى حد ما.[7] وفقاً للقائمة التي ذكرها ابن شدّاد، فقد تم التبرع بالخوانق من قبل الأمراء وغيرهم من كبار الشخصيات في الدولة، وكذلك المواطنين الأغنياء. تبرع بعض المؤسسين بمساكنهم الخاصة لاستخدامها كخوانق بعد وفاتهم، في حين قام آخرون بإنشاء مبانٍ جديدة.[8] يبدو من تصميم وهندسة مجمّع خانقاه الفرافرة أنه قد بني خصيصاً لهذا الغرض ولم يكن منزلاً سكنياً تم تحويله.[9]

الشكل 1: نقش البناء في الجدار الخلفي لحنية المدخل [مصدر الصورة: © كورن 1995]