التطور عبر الزمن ووقف الجامع

[مصدر الصورة: © 1996 آنا مولينهاور]
من الصعب اقتفاء أثر تطور مباني المسجد بعد تأسيسه. لقد ناقش ماينيكة بأنه في المرحلة المبكرة لبناء الجامع يمكن تحديد مرحلتين رئيستين للبناء. وفي المرحلة الثانية منهما تمت إضافة المئذنة والمدخل إلى المسجد.
ليس لدينا الكثير من المعلومات عن التطور المعماري للجامع منذ العصر المملوكي. قد نفترض كما هو الحال مع المباني الأخرى أن التدهور العام، إلى جانب الدمار الناجم عن الحرب أو الفوضى أو الكوارث الطبيعية، قد أثّر على الجامع أيضاً. ونعلم أن جامع المهمندار قد تأثر بالزلزال المدمّر عام 1237/ 1822. يخبرنا الطبّاخ أن الزلزال دمّر المنشآت حول الفناء باستثناء أجزاء من القبلية. ويواصل القول إن الإداريين الأكفاء من عائلتي الكواكبي والترمانيني تمكنوا من إعادة بناء الرواقين الشرقي والشمالي، وقاموا ببناء غرفة (حجرة) في الرواق المقنطر الشمالي مع مرافق للوضوء بداخلها والتي كانت تستخدم أيضاً كمكان للصلاة في الشتاء. بالإضافة إلى ذلك، ولزيادة عائدات الجامع، قاموا ببناء متاجر على طول واجهة شارع الجامع. استغرق كل هذا عدة عقود ولم يكتمل إلا في أوائل القرن العشرين[1].
تطور وقف الجامع على مدى قرون. وتم شراء ممتلكات جديدة من خلال الوقف في حين فقدت أصول أخرى، سواء من خلال التبادل القانوني أو فقط بسبب هدمها. يبدو أن معظم الأوقاف الأولية من القرنين الرابع عشر والخامس عشر ضاعت تدريجياً. في كثير من الحالات بقيت "الأرض" فقط وتم تأجيرها بعقود "الحكر".
لدينا حساب لوقف المسجد من عام 1165 / 1751-52: من تلك الموارد التي ذكرها الغزي من الأوقاف الأولية، لا يمكن تمييز أي منها في هذا الحساب. يمتلك الجامع عقارات في الأحياء القريبة منه: 8 محلات تجارية (دكان) في السوق داخل باب النصر، محل واحد بجوار الجامع، قيسارية بجوار الجامع ومصنع للصابون (المصبنة). نفقات الجامع متواضعة نوعاً ما - توظيف إمام وخطيب ومؤذن بالإضافة إلى الإداري (متولّي الوقف). وتضمنت المصاريف الإضافية الشموع وزيت المصابيح والحصائر وبعض التجديدات الطفيفة بتكلفة إجمالية 195.5 قرشاً. وُضعت إدارة الوقف في يد امرأة تدعى السّت فاطمة، وهو أمر غير مألوف بالنسبة لأوقاف المساجد في العصور العثمانية[2].
في عام 1230 / 1814-15 نجد من بين المدفوعات 110 قرش لترميم المئذنة. بالمقارنة مع عام 1166 / 1752-53 تغيرت بنية المنشأة مرة أخرى بدرجة معينة. نجد الآن مقهى (قهوة خانة)، لكن للأسف نفتقر إلى التفاصيل حول موقعها، وربع حمام السلطان بجوار القلعة. قطعة الأرض التي تقوم عليها المحكمة الكبرى لاتزال في ملكية الوقف. تم ذكر دفعة حكر بقيمة 8.5 قرش في هذا الحساب[3].
يمكننا ملاحظة نفس التطور الذي يحدث في معظم الجوامع في المدينة؛ خاصة الجوامع التي تخضع لسيطرة جماعة دائمة أو عائلة بارزة (راجع جامع شرف، جامع المشاطية) إذ تتطور أوقافهم بطريقة ديناميكية ومزدهرة، اعتماداً على قدرة من يديرونها.
بعض التفاصيل المثيرة للاهتمام معروفة عن موظفي الجامع. حوالي عام 1800، حصل الإمام على مبلغ مجموعه 45 قرشاً سنوياً، وهو من أعلى المعدلات المسجلة لإمام جامع في حلب في ذلك الوقت.[4]
حقيقة أخرى مثيرة للاهتمام وغير مألوفة تدل على أن علاقة جامع المهمندار بالمحكمة استمرت. استلم خطيب الجامع السيد عبد القادر حلوي زاده، بالإضافة إلى راتبه من وقف الجامع، 4 قروش في السنة من إيرادات دار القضاء، كما حدد في وثيقة من عام 1217/ 1803.[5]