تاريخ المبنى ومالكه

[مصدر الصورة: © 1999 يوليا غونيللا]

جامع التونبغا الناصري [1] والمعروف أيضاً باسم التونبغا الصالحي[2] مؤرخ بنقش ضخم على بوابته الرئيسية يعود إلى عام (718/ 1318[3]) ومع ذلك، فإن المؤرخ ابن الشحنة (804-890/ 1402-1485) يذكر أن بناءه كان في عام (723 /1323[4]). لهذا السبب يفترض ماينيكة أنه تم التكليف ببناء الجامع في عام 718/ 1318 وأنجز في عام 727/ 1323 [5]. بالنسبة لهذا الجزء، يفترض هرتزفيلد أن الجامع لم يبدأ فقط، بل انتهى أيضاً في عام 718/ 1318 لأن كلمات النقش قد صيغت (في شهور والحمد لله)، وأن راعي الجامع ربما يكون قد وهب وقفاً ضخماً في عام 723/ 1323[6]. من ناحية أخرى، يفترض بيرنز أن التاريخ 723/ 1323 يشير إلى مبنى ديني صوفيّ مرتبط بالجامع (الخانقاه) والذي أضيف إليه بعد خمس سنوات[7].

يمكن التعرف على هذه الخانقاه، والتي لم تعد قائمة، من صورة تاريخية لمبنى مجاور لها شمال الجامع، وتم التقاطها في بداية القرن العشرين.[8]

ومع ذلك يبقى هو المرجع الوحيد لتعريف هذا المبنى كمدرسة. يذكر ابن الشحنة خانقاه كهذه، على الرغم من أنها كانت مهملة فعلياً ولا تستخدم في الوقت الذي ألف فيه وصفه لمدينة حلب. كما يذكر أن المبنى الذي كان يعتقد أنه كان خانقاه في السابق، صار يستخدم لتخزين الملح المستخرج من بحيرة الجبّول[9]، وهي بحيرة مالحة جنوب شرق حلب[10]. ويذكر علاوة على ذلك تربة واقعة بجانبه، والتي كانت مأهولة في زمنه[11]. يقول هرتزفيلد أنه في الخمسينيات لم يتم حفظ سوى بقايا الخانقاه.[12]

بالإضافة إلى تاريخ الإنشاء، يذكر النقش الأثري على البوابة الرئيسة اسم راعي الجامع: التونبغا الناصري، والذي نشأ بين مماليك السلطان المالك الملك الناصر محمد وعُيِّن أمير مقدم ألف، أي كان قائد ألف من الفرسان، وهو أعلى منصب يمكن أن يصل إليه المرء في جيش المماليك. [13]

كان التونبغا الناصري حاكماً لحلب في فترتين زمنيتين: 714-727 / 1314-1327 و731-739 / 1330-1338. وبين فترتي عمله في حلب وبعد ذلك أيضاً، كان حاكماً لدمشق[14].

خلال ولايتي حكمه في حلب، قام بغزوات عديدة في أرمينيا، أي في 720/ 1320 و 722/ 1322. وبعد وفاة السلطان المالك الملك الناصر محمد في عام 741/ 1341  شارك في الصراعات على الخلافة. ثم هرب إلى مصر، حيث سُجن وتوفي في الإسكندرية في عام 743/ 1343.[15]

إلى جانب بناء جامعه الخاص، يقال إن التونبغا الناصري قد قام بأعمال بناء في الجامع الأموي، واسمه مذكور في نقش ضخم غير مؤرخ في جدار القبلة.[16] واعتماداً على ابن الشحنة وابن العجمي، فإن ماينيكة يعزو بناء الرواق الشرقي إليه.[17] ينسب إليه ابن العجمي أيضاً بناء دكّة المبلّغ (السدّة).[18] يُرجع هرتزفيلد تاريخ هذه التدابير إلى فترة ولاية التونبغا الأولى (714-727 / 1314-1327)، وتحديداً بعد فتح "سيس" في عام 722/ 1322، مما جلب له الثروة لتمويل أنشطة البناء هذه.[19] هذا الاستحواذ على الثروة دفع هرتزفيلد أيضاً إلى افتراض أن التونبغا الناصري قد وهب وقفاً ضخماً لجامعه في عام 723/ 1323.[20] كما بنى التونبغا نافورة ماء[21] وضريحاً بالقرب من جامعه، حيث دُفن ابنه خضر (توفي 737 / 1336-37).[22]