القلعة تحت حكم الحمدانيين والسلالات البدوية للمرداسيين والعقيليين

[مصدر الصورة: © 2007 رامي الأفندي]

لم تكتسب حلب أهمية تاريخية عالمية [1] إلا عندما نجح الأمير الحمداني سيف الدولة (المتوفى عام 967 م) وبلاطه في قتال البيزنطيين. كان قصر الأمير يقع على ضفة نهر قويق خارج المدينة. في شتاء عام 962 م دمّرت قوات الإمبراطور نقفور فوكاس القصر والمدينة مما أجبر الكثير من السكّان على الفرار إلى القلعة. ونتيجة لذلك قام ابنه سعد الدولة بنقل مقر إقامته إلى القلعة. ومنذ ذلك الحين وحتى بداية الحكم المملوكي بقيت القلعة هي المدينة الملكية العليا. ومع توسّع المدينة باتجاه الشمال والجنوب وخاصة باتجاه النهر في الشرق، فقد حمتها القلعة المتموضعة تقليدياً في طرفها الغربي.

شهدت حلب قليلاً من الإزدهار لأكثر من قرن. عرقلت الغارات البيزنطية وغزوات النهب الدورية من قبل القبائل البدوية المحلية أعمال تجديد تحصينات القلعة. حُكِمت المدينة من قبل المرداسيين ولاحقاً العقيليين وهم في الأصل سلالات حاكمة بدوية قامت ببناء قصورها في القلعة. يعود أقدم نقش كتابي من بين النقوش الإحدى والثلاثين [2] المكتشفة في القلعة إلى عهد الحاكم المرداسي محمود بن نصر بن صالح في عام 1073 م ولكن لا يمكن تحديد المبنى الذي يعود إليه بشكل مضمون. يؤكّد هذا النقش ما نقله ابن الشحنة (المتوفّى عام 1485) عن بناء المرداسيين لقصورهم على القلعة وتحويلهم لكنيستين إلى مساجد. استولى الصليبيون في عام 1103 على ميناء أنطاكية السلجوقي، وهذا جعل حلب موضع اهتمام الصليبيين بسبب وقوعها بين أنطاكية ودمشق على الطريق التجارية التي تؤدي إلى القدس. باءت محاولات الصليبيين المتعددة للاستيلاء على حلب بالفشل عند القلعة والتي جعلها موقعها المرتفع بعيدة عن مدى أسلحة الصليبيين. غير أنّ موقع القلعة المرتفع سبب بعض الاشكاليات لدى للمدافعين: بلغت المسافة من أبراج القلعة إلى الأرض أكثر من مئة متر. وكما قيل فقد كان بإمكان الرماة المسلمين قذف ثلاثة أسهم في ثانية ونصف، ولكن المدى الأعظمي لهم كان 70 متراً،[3] وهذا لا يشكل خطراً حقيقياً على المحاصرين.