الأهمية المعمارية والتاريخية

[مصدر الصورة: © 1980 جان-كلود دافيد]

إننا نجد عدداً من مساجد الجمعة والمزدهرة بشكل خاص، والتي تمت رعايتها من قبل بعض العائلات المسلمة البارزة التي تعيش في المنطقة. على سبيل المثال، نجد أن مسجد شرف قد خضع لسيطرة عائلة الحريري خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. كانت تلك العائلة تقوم على إدارة المسجد وتقدم الهبات لأوقافه مثل السيد محمد شريف الجلبي الحريري في 1201 / 1786-87. [1]

ربما كان أفراد الأسرة نشطين في قطاع الغزل والنسيج، وهو عامل رئيس في اقتصاد ذلك الجزء الشمالي من حلب.

كانت الرابطة الرئيسية بين المسجد والطوائف المسيحيّة هو أن الأرض التي أُسست عليها المقابر المسيحيّة خارج حي الجديدة القديم - حيث حي العزيزية اليوم - كانت وقفاً للمسجد. حصل المسجد على الإيجار الأرضي (الحكر) لتلك الأرض - بالرغم من كونها مبالغ صغيرة فقط -  ودخل في قضايا محاكم مع إدارة المقابر.[2]

يتعلق أحد التفسيرات المحتملة لتلك العلاقة الكثيفة بالأنشطة الاقتصادية: فالضاحية الشمالية كانت المركز الاقتصادي الثاني في حلب في الفترة الحديثة المبكّرة، لاسيما منذ القرن السابع عشر، بسبب أهمية صناعة النسيج. ويشهد على تلك الأهمية وقف مجمع إبشير مصطفى باشا، الذي يتكون من عدة خانات وقيساريات (ورش) في الجوار المباشر للمسجد (راجع إبشير مصطفى باشا).

إن جامع شرف مهم ويستحق الدراسة - كمسجد "حي" صغير - لقد استمر في الازدهار في الفترة الحديثة المبكرة (لا سيما في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر) في بيئة غير إسلامية في غالبيتها، لأنه أصبح - على الأقل من الناحية المؤسسية -  نوعاً من مكان التقاء الطوائف المختلفة التي تعيش في ذلك الجزء من حلب. وبصرف النظر عن ذلك، فهو مثال رائع على الهندسة المعمارية المملوكية المحلية، وخاصة قاعة الصلاة فيه ومئذنته والقسطل المرفق (الشكل 7).

 

الشكل 7: جامع شرف، القسطل [مصدر الصورة: © 2007 شتيفان كنوست]