المسقط المعماري

خان الجمرك، واسمه الأصلي في وثيقة الوقف هو "الخان الكبير"، كان البناء الأمثل في المنطقة التجارية المركزية في حلب، التي تعرف بـ "المْدينة". يتّبع تصميمه التخطيط التقليدي للخان في حلب، إلا أن تخطيطه وتنفيذه يجعلانه تحفة من العمارة التجارية العثمانية في القرن السادس عشر. يؤدي مدخل واحد فقط إلى مبنى مستطيل مكون من طابقين مع فناء كبير مفتوح في الوسط. (الشكل 1- 3) يمكن الوصول إلى الغرف الصغيرة الفردية من الفناء في الطابق الأرضي ومن رواق في الطابق الأول.

يتميز مدخل الخان المقبّب بواجهة غنية بالزخارف بأسلوب محلي يذكّر بالعمارة المملوكية المتأخرة (خان الصابون على سبيل المثال). ومع ذلك وبخلاف الأخير، لا يمكن رؤية واجهة خان الجمرك بكاملها بسهولة، لكونها مضغوطة بين الخان والسوق الكائن في شماله. وبالرغم من هذه الحقيقة، اختار المهندس المعماري هذه الواجهة الرائعة بالتأكيد لجذب الانتباه إلى الخان من محور السوق الرئيس.[1]

يبرز الجناح الشمالي (الرواق) والواجهة الشمالية للفناء بوضوح. النوافذ الكبيرة فوق المدخل مزيّنة بصفوف متناوبة من الحجارة الملونة (الأبلق)، ونقوش وأعمدة ومقرنصات تذكّر بالزخرفة المملوكية المتأخرة أيضاً. (الشكل 4- 5) خلف هذه الواجهة تختبئ ميزة غير عادية للهندسة المعمارية التجارية: حيث نجد صفّاً من غرف الوكلاء وقاعة ذات قبة كبيرة خلف النوافذ المركزية فوق المدخل في بنية من أربعة إيوانات تشبه القاعة في العمارة المنزلية.

 الاستخدام الأصلي لهذا المكان غير واضح، ولكن في وقت ما في أواخر القرن السادس عشر أو أوائل القرن السابع عشر (الشكل 6- 7)، كان يضم القنصلية الفرنسية. ربما في البداية كان مكاناً مرموقاً لاستخدام مسؤول الوقف - يجب ألا ننسى أن المؤسس كان صدراً أعظم للإمبراطورية - أو قد نتوقع أن الخان كان منذ البداية بمثابة مقر لإقامة القناصل والتجار الأجانب.[2]

في الجانب الجنوبي، خلف صف الغرف الصغيرة التي تفتح على الفناء، يضم الخان ملحقاً يمتد حوالي ثلثي طول الجانب الجنوبي. يتكون هذا الملحق من قاعة ذات رواقين في الطابق الأرضي (تسمى إصطبل من قبل الغزّي).[3] ومن صفّين من الغرف الصغيرة في الطابق الأول (تسمى قيساريّة، أيضاً من قبل الغزّي).[4] يمكن الوصول إليها عبر ممر من الرواق الجنوبي وممر مقبّب.

يشغل وسط باحة الخان مسجد صغير، قاعة الصلاة فيه مثمّنة الأضلاع مرفوعة على أعمدة مما يفسح مجالاً لخزان المياه ومرافق الوضوء تحته.[5]

توفّر هذه المرافق للمستأجرين في الخان إمكانية الوصول إلى إمدادات مياه المدينة أيضاً. (الشكل 8- 10) السوق الواقع شمال الخان هو جزء من نفس الوقف أيضاً وقد شُيِّدَ في نفس الزمن، ويتكون من صفين من المحلات التجارية بين زقاق مقبب. القبة الموجودة أمام مدخل الخان مميزة بشكل خاص ومزينة بمقرنصات مثلثات ركنيّة.[6] (الشكل 11)